حول المهرجان المسرحي الثالث في روج أفا

0

الكاتب والمسرحي – محمد أشرف

عنما بدأ الإنسان بترجمة أقواله وأفعاله إلى حركات ذات معنى ومغذى، وقتها ولدت مرحلة البحث عن الأفكار وعن كل ما هو جمالي، حسي وشاعري من الفنون والآداب..

حيث تجلى الجانب الإبداعي في مجمل الموروثات البشرية.. مكتسبة بذلك قيمة مادية ومعنوية، وغدت معيار للحقيقة والفكر والفلسفة والآداب والفنون.

وكان المسرح من أول نتاجات الإبداع للإنسان، وحمل المسرح على عاتقه رسالة الحقيقة والسمو بالقيم الإنسانية إلى مصافي أهل الفردوس، وبذلكَ بدأت بذرة الفن تنمو في رحم المسرح للتوالد من بعد المخاض أنواع الفنون وبذلك غدا المسرح أم للفنون وحاضنتها العطوفة.

كل مرحلة من حياة الإنسانية أتسمت بشكل من أشكال المسرح، كل شيء يناسب عصره، ويعالج قضاياه بأساليب وأدوات تمييزه عن غيره من العصور، حيث ظهرت المدارس المسرحية التي تمثلُ روح عصرها.

في عصرنا هذا رغم الظلم والاضطهاد والقمع والمنع من أن يكون هناك مسرحاً كردياً إلى جانب الشعوب الاخرى، إلا أن المسرح الكردي في الآونة الأخيرة  بدأ يخطو خطواته الأولى.. وظهر نخبة من المخرجين والممثلين المسرحيين ليقوموا بعملية الارتقاء بالمسرح الكردي وتطويره..

فمنذ ثلاث سنوات في اليوم العالمي للمسرح تقام مهرجانات للمسرح الكردي وأخيراً في يوم 27/3/2017 بدأت فعاليات “المهرجان المسرحي الثالث في روج أفا” .. وقدمت العروض في ثلاث صالات رغم افتقارها إلى الكثير من الامكانيات  واللوازم التي تجعل من العرض المسرحي عرضاً يناسب المهرجان. فقد قدمت أربعة عروض مسرحية في مدينة سري كانية بمركز ( واش وكاني) وأربعة عروض في مدينة ديريك في مركز (دجلة) وخمس عروض في مدينة قامشلو بمركز ( محمد شيخو) . في الوم الأول 27/3 كان الافتتاح بالأغاني والموسيقا .. وفي اليوم الثاني قدم عرضان بمدينة قامشلو العرض الأول، (خزينة – xezîne) لفرقة أحمد خاني شيروان قانات ، وإخراج أراس أحمد.. هذا العرض عالج مسألة ترك الإنسان لترابه والبحث عن مستقبله في وطنٍ أخر، إلا إنه وفي النهاية يكتشف بأن ما يبحث عنه موجود في وطنه.. وترنح العرض بين الصعود والهبوط ضائعاً بين التراجيديا والكوميديا.. فلم يستطع المخرج تحريك ممثليه لقلة خبرته، ولم يخلو العرض من لحظات من الملل. وفي نفس اليوم 28/3 قدمت فرقة الشهيد (يك طا) مسرحية (kêlîkekê were) المعدة عن نص للكاتب التركي عزيز نسين، ترجمة بشير ملا نواف.، ومن إخراج حسن رمو، حيث أهتم المخرج كثيراً بإيصال فكرة النص حيث التمسك بالأصالة، في عملية إخراجية جميلة حيث الديكور والإكسسوارات والملابس المناسبة لفكرة النص، وكان المخرج موفقاً في تحريك شخصياته كل حسب بنائها الدرامي.

وفي اليوم الثالت 29/3 قدمت (فرقة شانو) مسرحية (Vedeng) والمعدة عن نص للكاتب قاسم مطرود على خشبة مسرح واش وكاني بمدينة سري كانية، ترجمة وإخراج عبدالرحمن ابراهيم وتطرق العرض إلى فكرة كيفية التواصل بين الشعوب بلغاتها المختلفة، حيث ظهرت امرأتان كلُ منهما من دولة مختلفة لغوياً تلتقيان في دولة ثالثة منحتهما اللجوء، دون أن تعلم أيُ منهن بأن الأخرى من الدولة الجارة التي أستمر الحرب بين بلديهما لسنواتِ طوال وأفقدتهما ولديهما.. أظهر هذا العرض معاناة الشخصية بشكل جديد وغير معتاد في المسرح الكردي، حيث بقي المخرج الذي لعب دور الدرماتورج على خشبة المسرح مصراً على إشراك الجمهور في العرض، وقام بتحريك شخصياته بأسلوبٍ سلس إلى درجة خروج الجمهور من العرض كلٌ بانطباع خاص بهِ، تميز العرض بديكوره البسيط كبساطة شخصيتيه.

وفي نفس اليوم قدمت فرقة الشهيد روان مسرحية (Bi nan û xwê) من تأليف وإخراج فاطمة أحمد – على خشبة مسرح ( واش وكاني – سري كانية).

بتاريخ 30/3 وعلى نفس الخشبة قدمت فرقة الشهيد ( يك طا) مسرحية ( Kurtasiya jiyanê) للكاتب هادي المهدي، ترجمة بشير ملا نواف، وإخراج حسن رمو.

في نفس اليوم وعلى نفس الخشبة قدمت فرقة  أحمدي خاني مسرحية (Sêwiyên welat) تأليف أسد تمو وإخراج أزاد محمد.

وفي خامس أيام المهرجان 31/3 استضافت خشبة مسرح محمد شيخو بقامشلو فرقة الشهيد هيفي ومسرحية (Birîn) من تأليف وإخراج خليل طحلو، حيث تطرق العرض إلى الوقوف في وجه كل من يتاجر بالقضية، كان الديكور جميلاً وملائماً إلا إن المخرج لم يستطع الاستفادة من الديكور كما ينبغي فالديكور كان عبارة عن توابيت تخرج منها الشخصيات المختلفة ليبدأ الصراع الأزلي بينهم على أشده،  تارةً على شكل كوميديا وتارةً اخرى على شكل تراجيديا.

وأيضاً في اليوم الخامس 31/3 وعلى خشبة مركز محمد شيخو قدمت فرقة أسايش روج افا مسرحية (Hestên û Zagon)  تأليف كاوى فتاح وإخراج محمد شكر، فكرة النص التحقيق في جريمة قتل، ليكتشف المحقق في النهاية بأن ابنه يتردد إلى أماكن محظورة فيبدأ الصراع بين الواجب والأسرة، أي عملية الاختيار بين تطبيق القانون من جهة أو الضرب بالقانون عرض الحائط وتخليص ابنه من جهة أخرى، إلا إنه يختار القانون دون ابنه. حاول المخرج الربط بين بداية العرض ونهايته حيثُ انشق القانون إلى قسمين، قسم وهو جسد القانون جاء إلى خشبة المسرح وأعاد ترتيب الأوراق وجعل الخير ينتصر على الشر، والقسم الثاني روح القانون أعتلى فضاء المسرح.

في الأول من نيسان وبمدينة ديريك وعلى خشبة مركز دجلة قدمت فرقة روسلين عرضها (Kûçikê Balyoz) للكاتب ممدوح عدوان، إخراج محمد رسول كان على خشبة المسرح حديقة لكلب السفير وحارس الحديقة وراعي كلب السفير، يدور الصراع بينهما والتلاعب بكرسي الحديقة، يظهر فيه المخرج قصة الكراسي حيث كان عرضاً متماسكاً تمكن المخرج من إيصال فكرته من خلال شخصيتين رئيسيتين تتصارع بالكراسي والحركة والحوارات السريعة، وتميز هذا العرض بسرعة الايقاع.

تلاه عرض فرقة (أفا مزن)  بعنوان (Dê) على خشبة مركز دجلة بديريك من تأليف عبدالرحمن سيد عيسى وإخراج حسين صبري حيث تطرق المخرج من خلال عرضه إلى تاريخ شعبه.

وفي اليوم السابع 2/4 على خشبة مركز دجلة قدمت فرقة الشهيد عزيز عرب مسرحية (Rêvebiriya denê avê- مدير زير الماء) توليف وإعداد وليد عمر وإخراج عبدالهادي ابراهيم .. تطرق العرض إلى فكرة مفادها أن الشعب البسيط يختار أحد أبنائهِ البسطاء ليكون ملكاً عليهم إلا إن الوزير وقائد الجند وحكيم البلاد هم يقودونه كيفما يشاؤون، وكان الملك ينقاد حسب هواهم ولكن الملكة كانت تعلم بمخططاتهم إلى أن كشفت زيفهم، حيث كانت هذه التجربة الأولى لهم والجدير بالذكر بان العرض كان باللغة العربية الفصحى.

وفي نفس اليوم 2/4 وعلى خشبة مركز دجلة قدمت مرقة الشهيد داغستان عرضها المونودرامي (Tirsonek) للكاتب قاسم مطرود وإخراج شفزان محمود، تطرق العرض إلى المسألة الحساسة وهي خيانة الوطن والمواطن، حيث شخصية كاتب التقارير يصل به لدرجة قتل أخيه، عاشت الشخصية بين الصراع في الحياة أو قتل نفسه، ضمن ديكور رائع ملائم وبسيط خدم العرض إلى درجة كبيرة، إلى جانب الموسيقا المميزة والملائمة كما تمكن فني الإضاءة من إعطائها حقها إلى درجة ما.

وفي اليوم الثامن 3/4 وعلى خشبة مسرح محمد شيخو قدمت فرقة تولهلدان  مسرحية (Lîska kiboxan) برنيسلاف نوشيست، ترجمة مشعل أوصمان وإخراج محمد رسول، فكرة العرض كانت: القوي يأكل الضعيف مرة باسم الحرية، ومرة باسم الديمقراطية ومرة بالغش والخداع، وتميز العرض بسرعة الايقاع والحركة الكثيرة، أعتمد المخرج على قوة الإخراج وقوة أداء الممثلين والتلاعب بالديكور على حساب ايصال فكرة النص.

وبعد استراحة ليوم واحد كان حفل الختام بتاريخ 5/4 حيثُ الموسيقا والأغاني، وتوزيع الجوائز.. وبذلكَ أسدل الستار على المهرجان المسرحي الثالث دون أن يتفوق هذا المهرجان على المهرجانين الأول والثاني، لم يأتي بجديد كما لم يصل إلى الدرجة المأمولة.   

You might also like More from author

Comments

Loading...