إننا نزرع الحياة

0

” ميتان” ولادة المسرح العفريني

بقلم (( هيوا بطال ))
تكتم الحروب الكثير من الصرخات إلّا صرخة الإبداع تنعتق من جوف الدمار لتكون وميض أمل يخطّ أبجدية مستقبل مشوّش، ولأنّ الحرب والحياة والموت والثورة واستحقاق الوجود عروض مسرحية متباينة في آلامها وآمالها ما كان من مبدعي المسرح العفريني وبرعاية هيئة الثقافة – مقاطعة عفرين إلّا ولادة “ميتان” المهرجان المسرحي الأول في ” ROJAVA “عفرين والذي أُطلق بموسميه ولقى نجاحاً غنيّاً عن الذّكر لمهتمي المسرح الكردي الحديث.
أهم ما تميّز به ميتان هو تسليط الضوء على المواهب الشابّة المكتومة وإفساح المجال لتفجير طاقتها وإيصال رسالتها على خشبة المسرح وعلى مرأى مئات الحضور الّذين وجدوا في ميتان مرآة لواقعهم المعاش وملاذاً لمعالجته ، أطلق “ميتان 1″ سنة 2014 تحت شعار ” إننا نزرع الحياة” وتأكيداً على حتمية البقاء والاستمرار والحياة واستنكاراً لثقافة الموت والفناء التي شاعت مؤخراً وبعنوان ” لك كوباني…” أطلقت فعاليات الموسم الأول بافتتاح جماهيري ” كرنفالُ ميتان ”  جاب شوارع عفرين بطقوس مسرحية جذبت عامة الناس فضجت صالة المسرح بهم في الافتتاح الرسمي الذ تضمن عرضاً مسرحياً صامتاً ” الكرسي ” وفيلم ” الولادة  تلاه افتتاح مسرحي في عرض ” آش ” الذي جمع كل ممثلي العروض المسرحية المشاركة في الفعالية هذا وقد تتالت العروض بحضور جماهيريٍّ ملفت ( الحقل المنيع – لكنه شرعي – الدب – زفاف – عفواً مموزين – البرميل – قلعة المقاومة – عبق الزيتون ) ليسدل الستار بحفل الختام وإعلان النتائج بعد أحد عشر يوماً حافلاً بالعروض والجمهور المتميز  استمرّ المهرجان لمدة اثنتي عشر يوماً  عُرض خلالها العديد من المسرحيات المتناولة لقضايا اجتماعية وسياسية مختلفة تمسّ .
استكمالاً لرسالة الحياة وتأكيداً على صمود الثورة الفكرية أُطلق “ميتان” في موسمه الثاني على التوالي تحت الشعار نفسه لإن غرس شتلات الحياة في أرض الموت مهمة الفن والإبداع الأولى وتحت عنوان “عندما يصرخ الزيتون” أطلقت فعاليات ” ميتان2″ بمستوى أعلى وبأساليب متطورة كما أنّ جماهير ميتان لم يخلفوا وعد اللقاء بل زاد الإقبال والحماس، ومن الجدير بالذكر أن “ميتان ” ضمّ العديد من المقطوعات الموسيقية المؤلفة من قبل موسيقي المقاطعة بما يخدم العروض المسرحية كما أنه ضمّ العديد من الفنانين التشكيليين لإعداد الديكورات والكاريكترات المسرحية ناهيك عن ضمّه لتقنيين وفنّيين من ناحية الإضاءة والصوت لضمان عرض المسرحيات بأفضل التقنيات ضمن الإمكانيات المتاحة.
ميتان في موسمه الثاني شهد إقبالاً في العروض من داخل ” ROJAVA ” وخارجها فكانت هناك عروض من الجزيرة وأخرى من آمد جنوب كردستان ومن شمال كردستان ، إلا أن حصار عفرين واستبداد المحتلين حال دون مشاركتهم .
ضم ميتان في موسمه الثاني الذي استمر أسبوعين متتالين ثلاثة عشر عرضاً مسرحياً محافظاً على تقاليده في إعلانه الكرنفالي وافتتاحه الرسمي والمسرحي فكانت العروض أكثر نضجاً عن موسمه الأوّل فتلونت المواضيع وأساليب الإخراج والتمثيل فكانت ( الموناليزا – بازار – عرض زواج – أحلام آرين – حذاء الطنبوري – قارين – قاضي محمد – السيد – القلعة الخضراء – شعلة الأمل – الطائر الحكيم )
وعندما كانت الجماهير تملأ القاعة وتجلس بفارغ الصبر لرفع الستارة عن الخشبة التي تحمل العديد من قصصهم وحكاياهم كان قد أصاب “ميتان” هدفه الأول وهو محاكاة الجماهير المتعطشة لهكذا نوع من الوعي الثقافي والاجتماعي واستطاع التقرّب منهم من خلال ممثلي العروض الذين أدّوا شخصيات تجسد كافة فئات المجتمع وتطرح مشاكلهم ، ناهيك عن استثمار الطاقات الشابّة وتوجيهها فيما يخدم المجتمع ويعزز بنيته الثقافية كما أنه لعب دوراً هامّاً في رفع الوعي المسرحي وبروز المسرح الحقيقي بكامل أركانه ومقوّماته ليخطّ بذلك بدايات تاريخ المسرح العفريني الفعلي.
ميتان يطمح ليكون جسر الثقافة والأخوة بين قارات العالم فهو يفتح أبوابه بكل اللغات والثقافات لذا مشواره مازال في أوله فالخطوة بدأت وبهمة المسرحيين ستكتمل لتحقيق رسالتها …

تحرير (( محي الدين أرسلان ))

Comments

Loading...